بيان صادر عن ملتقى أبناء الأردن في المهجر
بسم الله الرحمن الرحيم،
“ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا” صدق الله العظيم
أطل علينا طاقم الحكومة الأردنية بفيض من التصريحات بخصوص الحرب العدوانية على أهلنا في غزة، وهي تصريحات، وإن سرّت البعض، إلا أنها لا تمتلك أية قيمة عملية، خصوصاً مع فقداننا التام للثقة في هذا النظام الذي تجبّر على الشعب الأردني بالاعتقالات والتنكيل عبر سنوات وسنوات، والذي أطلق اللاءات الثلاثة، ثم التحق بورشة البحرين التطبيعية التي جاءت ضمن سياق صفقة القرن.
وإننا، في ملتقى أبناء الأردن في المهجر، وحتى لا ندخل في باب قراءة النوايا لدى النظام، مع أننا قرأناها مراراً وتكراراً وبشكل صحيح وعبر نضال طويل، فإننا نضع عدة محكّات نختبر عندها مواقف النظام، فيتبين وقتها إن كانت التصريحات مجرد غزل تم نقضه أنكاثا، ومجرد كلام في الهواء لامتصاص غضب الشارع الأردني، أم هي فعلا تعبّر عن موقف حقيقي يستحق الدعم.
أما تلك المحكات فهي:
أولاً، الامتناع عن توقيع “الاتفاقيات الملزمة” ضمن مشروع “الماء للكهرباء” التطبيعي والذي يرهن القرار السياسي والسيادي الأردني للكيان الصهيوني بشكل خطير، واضعاً بين يديه أمننا المائي، ناهيك عن كون تلك الاتفاقية مشاركة في تمويل جيش الاحتلال وتمويل جرائمه ضد أهلنا في غزة وعموم فلسطين.
ثانياً، البدء في البحث عن صيغ قانونية لإلغاء اتفاقية استيراد الغاز من الكيان الصهيوني، وهي التي ترهن أمن الأردن من ناحية الطاقة وتجعله في يد الكيان، ناهيك عن أنها تمد الكيان بمداخيل تصل إلى أكثر من 10 مليارات دولار خلال 15 عاماً، وتساعد في “رفاهية سكان الكيان” كما قال نتنياهو، وتساعد في قتل أهلنا في فلسطين.
ثالثاً، الامتناع عن الاستمرار في المشاريع التي تم توقيعها مع الإمارات مطلع هذا الشهر، وخصوصاً المشروع المتعلق بسكة الحديد العابرة للحدود، كما ورد وصفها في الخبر الرسمي، وهي سكة تأتي ضمن مشاريع جعل الأردن، أرضاً واقتصاداً، ساحة خلفية للكيان، ومنطقة تجميع لتجارة العدو البرية إلى الخليج، ولمرور البضائع عبر الكيان إلى أوروبا، انطلاقاً من الهند بحسب الطريق التجاري الذي أعلن عنه نتنياهو في الأمم المتحدة متبجحاً.
رابعاً، القيام بانعطاف سياسي يتضمن تجميد العلاقات الدبلوماسية مع العدو، والنظر لاحقاً في قطع العلاقات وإلغاء اتفاقية وادي عربة، هذا على مقلب. وعلى المقلب الآخر القيام بإنشاء علاقات مباشرة، عبر قنوات سياسية وليست قنوات أمنية، مع حركات المقاومة الفلسطينية، على غرار ما تمتلكه دول أخرى في المنطقة، مثل مصر وتركيا وقطر ولبنان وغيرها.
خامساً، البدء بحملة دبلوماسية دولية ضد اعتداءات المستوطنين في الضفة، وتعرية عمليات تسليحهم، والتي تمس الأمن الوطني الأردني مباشرة، كما تمس المصالح الوطنية الفلسطينية، فهي تمهد مباشرة لتهجير قسري، تحت طائلة حرب أهلية مفتعلة بين المستوطنين المسلحين وبين الفلسطينيين العزل، يدعي فيها جيش الاحتلال العجز عن التدخل، تاركاً المجال للمستوطنين لإرهاب الفلسطينيين وترحيلهم إلى الأردن.
سادساً، إطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين في الأردن، والتوقف عن تقييد التحركات الشعبية الرافضة للعدوان.
إن قيام النظام بمثل هذه الخطوات هو الشيء الوحيد الذي يجعل موقفه يقترب من الموقف الشعبي الأردني، وهذا الموقف الشعبي هو الموقف الرافض بقوة للاحتلال وللعلاقات مع الاحتلال، بنفس القدر الذي هو فيه رافض للعدوان على غزة وعلى عموم فلسطين. أما إذا اختار النظام الاكتفاء بالتصريحات التي يعتقد أنها تغازل مشاعر الأردنيين فإن الواقع يقول أن الأردنيين أكثر نضجاً من ذلك بكثير، وأنهم لا يستجيبون لإبر التخدير ومحاولات الاحتواء.
هذا ونؤكد أن تلك الخطوات هي خطوات تتعلق بشق العلاقة مع الإخوة في فلسطين، وإن طبقها النظام فإننا سنبارك ذلك، لكننا سنبقى على مطالبنا الأساسية المتعلقة باسترداد الدولة سلطة وموارد، والمتمثلة في دستور جديد لإدارة البلاد تكون فيه السلطة لحكومة يختارها الشعب، وفي استرداد ثروات الأردنيين التي تم نهبها، وفي مشروع وطني تنموي يشمل كافة محافظات الأردن، وفي مشروع نهضة روحية معنوية تتضمن استحضار قيم وتاريخ ونضالات الأردنيين على امتداد أكثر من قرن.
والسلام على من اتبع الهدى.
المكتب السياسي – ملتقى أبناء الأردن في المهجر
9-11-2023